مريم الأحمد – سوريا
بالعرقِ الذي تصبب من يدي.
محوتُ اسمك عن تذكرة السفر،
و كتبتُ اسمي.
قدمتها للحارس و ابتسمتُ ، فابتسم بحركة لا شعورية!
ركزتُ عيني في وجهه، شتتُّ أفكاره…
ناولته حبة الشوكولا بالبندق – التي أعطيتني إياها –
من وراء غبش النظارة – إذ كانت الرطوبة عالية، – رأيت الحارس يلتهمها برضا و استمتاع….
صار الماضي الآن في حالة سبات،
بمجرد أني سلمت جسدي للمقعد المريح في الدرجة الأولى..
أجمل ما في جلحلة القطار أنها تخفي لهاثك، حتى ألمك الصاخب لا يبقى منه سوى ارتعاش خافت.
أعمدة الإنارة تتراكض أمامي معظمها معطل..
العثور على يديك مهمة شاقة في الظلام، شابكت أصابعي لأشعر بالإطمئنان و الهدوء.
لا حراك.
أحاديث الركاب و همهماتهم تمتزج في جوقة بهيجة تارة و تجفل من صمتها تارة أخرى، كسرب عصافير يغط على غصن لوهلة، ثم ينطلق متبعاَ غريزته..
المهم
أني أتجه الآن إلى مدينة غريبة أنت لا تعرفها..
ألفّ ساقاً على ساق مثل سيدة راقية تداعب قطتها المدللة، و بمتعة رهيبة أشرب فنجان القهوة السادة، كما أحبه دوماً..
إلى أين أصل!
روحي تصارع الحياة!
أعرف نفسي حين أهرب دون ليرة
في حقيبتي
دون ذرة ندم في قلبي.
استسلمت للنوم في ذلك التيه اللامحدود ، لواقع متماهٍ بالحلم أو بالكابوس.. لا أعرف بالضبط.
حين أفقتُ على نقر حبات المطر،
داهمتني رغبة برمي نفسي من القطار،
فتحت النافذة بصعوبة!
عالم مظلم، بارد، مضطرب! لم أستطع فعلها
كنتَ تراهن أنني جبانة، أنت محق!
تذكرت كلمات الوداع اللامبالية
و ابتسمتُ ابتسامة المنتصر الغبي.
المنتصر الذي هو أنت.
و الغبي الذي هو
أنا.
أي محطة ستتلقفني بحقيبة بائسة و بطاقة مزورة؟
أي ليل سيواسي هذه الزائرة الخائبة؟
الجواب الحاسم.. الجنون
وحده سيقرر!
..