بسام شمس الدين
فكرة الجوائز للمبدعين تزيد من زخم الإبداع، وتخلق جو مناسب للارتقاء بالفنون، استحقاق طبيعي خصوصا إذا قامت به مؤسسات اقتصادية محلية، لأن المؤسسات العامة العربية أثبتت أنها غير مؤهلة لإدارة الشأن الثقافي في البلد، ولا ترق لمستوى الإشراف على التنمية الثقافية، فقط،
أرجو من المشرفين على الجوائز أن يغيروا من آليات إدارة الجوائز، بحيث يجنبوا الكتاب من حرج التقديم للجوائز، لأن هذا أسلوب قديم ومهين للكاتب، خصوصا إن كان لديه كثير من الإصدارات، ما أجمل أن تبحث عنك الجائزة، هناك طريقة سهلة جدا لتجنيب الكتاب من البحث عن الجوائز،
فاصداراتهم في المكتبات، وبوسع المشرفين على الجوائز الأدبية السعي لاقتناء نسخ من كل عمل يصدر لأي كاتب، أو الحصول على نسخ إلكترونية من العمل، بحيث يتم فحص النتاج الأدبي لهذا العام أو ذاك، ومن ثم تمنح الجائزة التقديرية لهذا النص الذي اتفقت اللجنة عليه، تخيلوا الكاتب داخل باص أو في الشارع، ويرن هاتفه ليفاجأ بخبر فوزه بالجائزة، هذا بحد ذاته أمر مبهج،
لكن إنتظار الجائزة وما يحصل في الكواليس الخلفية للجوائز من مغالطات وشد وجذب بين اللجان، فهذا يفقد المبدعين ماء وجوههم، والبعض يفقد ثقته بأعماله، لأنه كان ينتظر الفوز، طبعا، كل كاتب يستحق أن يفوز مقابل جهوده وإبداعه، لكن المساحة ضيقة، وأذواق المحكمين تختلف، البعض ينظر إلى الجوانب الأخلاقية في النص، فالجائزة أحيانا تضع للإبداع شروط،
ألا تمس كذا وألا تخدش كذا، وأنت ككاتب حر لا تقبل أن تتورط في جوائز تخضع لشروط كانت في القرون الوسطى، للعلم إن أروع الأعمال والأفلام العالمية كانت لروايات اعتبرت في زمنها خادشة أو مسيئة للذوق العام، لكن قيمتها الأدبية والفنية تكون طاغية في النص، ولم يقصد منها الإساءة، بل هي مجرد إضاءات لجوانب الحياة المختلفة،
ونحن نسمع الكلام البذيء يخرج في كل مكان، حتى من أفواه الأطفال في الشوارع، احيانا نسمع أسماء الأعضاء التناسلية في الشتائم أو حتى في المجالس العامة، لكن أن نقرأ ذلك في الروايات فذاك يعتبر خرقا للذوق العام، هذا تناقض واضح، فالكتابة الإبداعية هي تصوير عام لجوانب حياة المجتمع، والكاتب الذي يجتزء من الصور أو يقص الصور فهو يجتزىء ويقص إبداعه..
لكن طبعا لا بد أن تكون حبكة النص تستدعي هذا التصوير على خلاف الاقحام العبثي للصورة الجنسية، وهذا بحد ذاته سيكون واضحا للمتلقي، لكن للكاتب الحرية في كتابة ما يشاء وللنقاد أن ينتقدوا النص، لكن حجب العمل أو توقيفه عن الصدور عمل بربري لا يليق باي حال
أعرف أن الجنس مازال بعبعا خطيرا في حياة الناس وأفكارهم، يخيفهم ويرهقهم ويثير أعصابهم ويحرمهم لذة النوم، لكن الخوف منه والابتعاد عنه يولد لهم الكثير من الأزمات النفسية والمجتمعية والعاطفية، وقد ينتهي بهم الحال إلى العنف والحرب وكثير من المشاكل الأخلاقية المستورة.. وها قد وصلنا إلى الحرب..
لا بأس، لن أكتب شيئا مما تطلبه أي جائزة أو احذف اي حرف تحتاجه حبكة أعمالي، قطعا تحت أي ظرف.. فالجائزة الكبرى هي أن نعيش لنموت أحرارا. وستظل الحرية أكبر قيمة للإبداع وللإنسان ايضا..
في الأخير، الشكر لأعضاء الأمانة العامة لجائزة حزاوي على اختياري في موقعهم كضيف في هذا العام، وهي أول جائزة يمنية جادة للرواية والقصة في الوقت الحاضر، هذه الخطوة الخجولة تعني لي الكثير لأنها تأتي من أصدقاء اعزاء.. دمتم بود..
بسام شمس الدين