– 1 –
في وجهي
تتشقق أقدام الفلاحين
تملأ جسدي بغبارها العيون
لست وحدي من ركض عارياً نحو الله
وسكن قفص المتاهة
المتاهة ذاتها التي سكنت أزيز الغيب
وتعارك فضفاضها مع خيول المتدحرجين الجدد
كنت المتدحرج الأخير
الذي دجت أصابعه وهي تغازل استخارات الخيبة
واستفاق نومه العميق في حروب الردة
ثم لم ينم، حتى القرن الخمسين
– 2 –
يتشبث وجهي بعدسة الكاميرا
تلاصق تجاعيده أنامل المصور
لا يريد أن يهترئ الآن
هذه الخيمة التي نصبها
في زواية العدسة المهملة
ليست لخلوده المرتقب
لكنها الظل الأمثل
لتحرير العدم
من أزليته الشائبة.
– 3 –
وجهي كأنه تمائم حظ
علقتها العجائز على قباب الأولياء
لكنه لم يكترث بأدعيتهن الخائفة
ربما لم يجد في الغيب
سبباً كافياً للاحتفال
قبل ليلتين تداعى كوطنٍ مهجور
وسقط في الضلال
لقد أكلته أرضة النسيان أخيراً
– 4 –
المصور الذي كان معي
سرق وجهي
فرَّ إلى عتمة الحرب
لم يجد بيتاً ملائماً لوجهي
خبَّأه في خزائن الرصاص
مسح به مؤخرات الصحف
وأجَّره لحناظل الدم
– 5 –
المصور لم يتذكر بعد
أن وجهي المسروق من حصى اللون الفرَّان
تدلى على عتبة السماء
واكتظ بالجوق والمنشدين
لكنه همس عابثاً
ربما كان وجه أحد الموتى
فلماذ تحاصرني خيبته الآن
– 6 –
المصور ينظف وجهي من موائد الجنود
يجرشه بكبرياء الملوك الساقطين
ويؤرنب تجاعيده بضروع الدمامل
يخاطبه غاضباً
أيها الموت الخشن في سهول الأظافر
لا أراك إلا حلاقاً أحمقاً بمقصٍ مكسور
لست أباً للحجر العملاق في تنانين الجحيم
ولا أماً لبيوت العطارين
لكنك الندبة المبوبة بمعدن الاحتراق
هاااا أنت رث الدفوف
بشحم اليقطين تحاول أن تمسك السماء من فخذيها
حاملاً صدوع القيامة في أذنيك
ومُعتَصراً في أسمالك بكُراتِ الروث
أنت المُحتَشد بالطعنة تلو الطعنة
النافق في مِسلات العظام المنسوجة
في أقبية الهزائم
أنت المطعون برمح الجوع
المعصوب بلسان الماء
وحواقل الريح في أصفاد الغيم
كيف تغسل ما يقوله الشعراء الصاعدين إلى النفايات
وترقمن الوقت المهتوك في أفئدة الغربان
تحدث فقط للفراغ كفراغٍ آخرٍ للكمال
وانقل زرائبك الطريدة
من روؤس الأصدقاء إلى جرار الثعابين
وحدك هنا
عيونك مجلوخة في طواحين الحدادين
تُريَكَ المقدور كأنه معجزة عويلٍ يتهدج في المقابر
تحشتد فيك أصوات الشر، قاصمة ظهر الضحك
– 7 –
المصور
مراجيح الهزل
الزوال
المحظوظون بعدك
الشهوات الناجية بعد القيامة
حُمَّى السكاكين
امرأة تعبد النار فيك
الرماة على التل
الندى في المواقد
العرايا بداخل أحزانهم
خليط العنانين
السؤال عن الحال
البزَّة العسكرية
دحرجات النهايات
البغايا
الحطام
الزجاج
المرايا
بائع القات
زئير الجبال الكسير
غبار المداخن
سرقوا صورتي
ورموها إلى سلة المهملات
– رياض السامعي – اليمن